مفهوم العقد وخصائصه في الإسلام


مفهوم العقد وخصائصه في الإسلام

مفهوم العقد وخصائصه في الإسلام

عرف الناس العقود منذ قديم الزمن لحاجة الناس إلى بعضهم بعضاً , و تيسيرا عليهم للحصول على احتياجاتهم ، ولمّا كان الإسلام نظاما شاملا یُعنی بتنظيم شؤون الحياة من كل جوانبها ، فقد شرع الأحكام التي تُعنى بتنظيم معاملات الناس عن طريق العقود ، ووضع لها الضوابط والشروط حفظا للحقوق. فما مفهوم العقد , وما مقوماته , وما هي شروطه؟؟؟

المحتويات


  • مفهوم العقد
  • أثر العقد
  • مقومات العقد
  • صيغة العقد
  • العاقدان
  • محل العقد
  • شروط صحة العقد بالنسبة للمعقود عليه
  • الشروط المقترنة بالعقد
  • أسباب انتهاء العقد
  • الخيارات في العقود
  • مفهوم الخِيار
  • حكمة مشروعية الخيارات
  • أنواع الخيارات
  • خيار العيب
  • خيار الشرط

  • المصادر



مفهوم العقد

العقد في اللغة: الربط والشد والإحكام ، ويطلق أيضا على الجمع بين أطراف الشيء.
وفي الاصطلاح: ارتباط إيجاب بقبول على وجه مشروع ، يثبت أثره في محله.
ومثال ذلك عقد البيع ، فهو ربط بين کلامین ؛ الأول الإيجاب كقول البائع: بعتك السلعة بكذا فيقول المشتري: قبلت. أو قول المشتري: اشتريت هذه السلعة بكذا فيقول البائع: قبلت ، فالإيجاب والقبول يمثلان طرفي العقد (البائع والمشتري) ، ويترتب عليه انتقال ملكية المباع إلى المشتري وملكية الثمن إلى البائع.

أثر العقد

وهو الغرض الذي شرع العقد لأجله ، وتختلف هذه الآثار المترتبة على العقود بحسب اختلافها ؛ ففي عقود الملكية - كالبيع والهبة و القرض - يكون أثر العقد نقل الملكية من عاقد إلى آخر ؛ إذا استوفت أركانها و شروطها.
وفي عقود المنفعة - كالإجارة و الإعارة - يكون أثر العقد نقل ملكية المنفعة ، أو إباحة الانتفاع بالمعقود عليه.

مقومات العقد

لإنعقاد العقد , لابد من توافر مجموعة من العناصر أطلق عليها المقومات , والمقصود بالمقومات ؛ ما يقوم به العقد ، من أركان وشروط و ضوابط ؛ فوجود العقد متوقف على توافر الركن وعدد من الشروط.
وعدمها أو فقدان بعضها ، يترتب عليه انعدام العقد أو وجود خلل فيه.
وقبل الحديث عن مقومات العقد ، لا بد من تعريف الركن ، والشرط ، والسبب لعلاقتها الوثيقة بالعقد.
فالركن في اللغة: جانب الشيء الأقوى فيه ، وهو جزء من ماهيته.
وفي الاصطلاح: ما يتوقف عليه وجود الشيء ، وكان داخلا في ذات الشيء ؛ كالركوع والسجود في الصلاة ، والإيجاب والقبول في عقد البيع و الاعارة.
والشرط في اللغة: العلامة.
وفي الاصطلاح: ما لا يتم الشيء إلا به ، و كان خارجا عن ماهيته ؛ كالوضوء شرط لصحة الصلاة وهو خارج عنها ، والحَول شرط لوجوب الزكاة ، فعدمه يستلزم عدم وجوبها ، والقدرة على التسليم شرط في صحة البيع ؛ فعدمها يستلزم عدم صحته ؛ فلكل عقد شروطه الخاصة به.
والسبب في اللغة: كل ما يتوصل به إلى غيره.
وفي الاصطلاح: ما يلزم من وجوده وجود الحكم و من عدمه عدم الحكم ، وهو خارج عن ماهیته ؛ كغروب الشمس سبب لوجوب صلاة المغرب. وامتلاك النصاب سبب لوجوب الزكاة.
يظهر من التعريفات السابقة ، أن كلا من الركن و الشرط يتوقف عليهما العقد ؛ إلا أن الركن جزء من ماهيته و الشرط خارج عن الماهية ، أما السبب فهو الوسيلة التي جعلها الشارع طريقا إلى المسبب ، وهو خارج عن ماهيته.
وأما الفرق بين الركن والشرط من حيث الأثر: فإنعدام الركن في العقد يؤدي الى بطلانه ؛ فلا صلاة لمن لم يسجد ؛ لأن السجود ركن فيها.
وأما الشرط: فالخلل فيه لا يقع غلى أصل العقد إنما يقع على وصفه ؛ لفوات شرط من شروطه , ولأن الشرط خارج عن ماهية العقد , فعقد البيع بالإكراه يكون منعقدا لكنه يكون فاسدا أو موقوفا على إجازة المكره بعد زوال الإكراه , وكذلك عقد الزواج دون إشهاد عليه ينعقد , ولكنه ينعقد فاسدا.
مقومات العقد هي: الإيجاب والقبول (الصيغة) , والعاقدان , ومحل العقد , ولابد لمقومات العقد توافر شروط معينة كي يصح العقد وتترب عليه آثاره , وفي ما يأتي بيانها:

صيغة العقد

صيغة العقد: هي ما يصدر من المتعاقدين معبراً عن إرادتهما الجازمة بإنشاء العقد , ويعبر عنه بِـ (الإيجاب والقبول).

والإيجاب: هو ما يصدر أولا من أحد العاقدين دالا عى ارادته الجازمة بإنشاء العقد.

والقبول: ما صدر ثانيا عن العاقد الآخر دالًّا على موافقته ورضاه بما أوجبه الأول.
مثال على الإيجاب والقبول:
قال عبد الله لأحمد: بعتك سيارتي بخمسة آلاف دينار (الإيجاب) , فقال أحمد: قبلت (القبول).

شروط الصيغة
توجد شروط لابد من توافرها في الصيغة , وهي:
1- أن تصدر الصيغة من المتعاقدين بصورة جازمة  دالة على إرادة المتعاقدين إنشاء العقد في الحال , فقول البائع: بعتك هذا الكتاب بدينار , وقول المشتري: قبلت , يدل على إرادة إنشاء العقد في الحال ، أما قوله: سأبيعك فيفيد الوعد بالبيع ولا يفيد إرادة الانعقاد في الحال ، فلا ينعقد العقد بهذه الصيغة.
۲- أن يفهم كل من العاقدين كلام الآخر ، وذلك بأن يتحدث كل منهما بلغة يفهمها الآخرى.
3- أن يكون القبول موافقا للإیجاب و مطابقا له في جوانبه جميعها ؛ فلو قال شخص لآخر: بعتك الكتاب بدينارين ، فقال: قبلت بدينار ، لم ينعقد العقد ؛ لعدم توافق القبول مع الايجاب.
4- أن يتصل القبول بالإيجاب في مجلس العقد ؛ فإذا انتهى مجلس العقد قبل صدور القبول كما لو غادر الموجب المجلس ثم صدر القبول ، لا ينعقد العقد.
5- ألا يرجع الطرف الأول عن إيجابه قبل قبول الطرف الآخر ؛ فإن رجع عنه سقط الإيجاب ؛ فإذا صدر القبول بعد ذلك لا ينعقد العقد ؛ لأنه لم يلاق الإيجاب.

وسائل التعبير عن صيغة العقد
ينعقد العقد باللفظ وينعقد بغيره مما يصلح للدلالة على إرادة إنشائه ، مثل: الكتابة والرسالة و الإشارة و المعاطاة ، وفيما يأتي بيان ذلك:
1- اللفظ: وذلك بأن يصدر الإيجاب والقبول بصيغة لفظية ؛ كقوله بعت واشتريت.
وصيغة الماضي مثل: بعت ، واشتريت ، ورهنت ، أقوى الألفاظ دلالة على إرادة إنشاء العقد من دون الحاجة إلى نية أو عُرف يدل على المراد ؛ لإفادتها تنجيز العقاد في الحال.
أما صيغة المضارع والأمر مثل: أبيعك ، وبعني ؛ فتصلحان لانعقاد العقد إن اقترن بهما ما يدل على أن المراد هو إنشاء العقد في الحال ، وليس المراد بهما شيء آخر كالمساومة والوعد و نحو ذلك.
2- الكتابة: تتم العقود بالكتابة المعتادة الواضحة بأي لغة كانت ؛ ما دام العاقدان يفهمانها.
٣- الإشارة: ينعقد العقد من الأبكم بالإشارة المعهودة و المُفهِمة في العقود جميعها من بيع وإجارة ورهن وهبة وغير ذلك ، إذا كان لا يعرف الكتابة ، و أما إن كانت الإشارة غير مُفهِمة فهي لغو لا يترتب عليها أثر ، وإن قدر الأبكم على الكتابة فلا تقبل منه الإشارة ؛ لأنه قادر على الإتيان بما هو أدل على إرادته ، وهو الكتابة.
4- المعاطاة: و يقصد به التبادل الفعلي بالأخذ والعطاء من غير لفظ ، وذلك كأن يأخذ المُشتري المَبيع ويدفع للبائع الثمن ، من غير تكلّم ؛ كبيع الصحف وشرائها عن طريق وضع الثمن وأخذها من دون تلفظ.
 وقد تعارف الناس على التعاقد بالمعاطاة ؛ تيسير عليهم في معاملاتهم.

العاقدان

وهما طرفا العقد ، ويشترط فيهما ما يأتي:
1- الأهلية: وهي أن يكون العاقد أهلا للتصرّف ، بان يكون بالغاً عاقلاً ؛ فلا يصح من صغیر غیر مميز ولا من مجنون. أما الصبي المميز (هو الذي تجاوز السابعة من عمره ولم يبلغ بعد) ؛ فعقوده وتصرفاته الدائرة بين النفع والضرر كالبيع والإجارة ونحوهما تنعقد بإجازة الولي ، وأما عقوده و تصرفاته النافعة نفعا محضا له ، كقبول الهيبة فتنعقد من دون حاجة إلى إذن الولي ، وأما عقوده وتصرفاته الضارة ضررا محضا له ، کالهبة للغير والكفالة بالدين ونحوها فلا تنعقد ، ولو أجاز وليه أو وصية هذه التصرفات.
2- الرضا والاختيار: الرضا أساس العقود، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) (سورة النساء: ۲۹) ؛ فإذا كان العاقد مُکرها لم يصح عقده ،
وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما البيع عن تراض). ابن ماجه

محل العقد

محل العقد:هو ما وقع عليه التعاقد ، وظهرت فيه أحكامه وآثاره.
ويختلف المحل باختلاف العقود ، فقد يكون عَينًا مالية ؛ كبيع بيت في عقد البيع ، وقد يكون عملا ، كعمل الأجير في مزرعة أو مصنع ، وقد يكون منفعة ، کمنفعة البيت المستأجر.

شروط صحة العقد بالنسبة للمعقود عليه

يشترط لصحة العقد أن يكون المعقود عليه :
1- مشروعا: بأن يكون مما أباحه الشرع ؛ فإذا كان المال لا يقبل التمليك شرعا كالميتة والخمر ، فلا ينعقد به البيع، لنهي الشرع عنه.
2- موجودا عند التعاقد: ويختلف اشتراط هذا الشرط باختلاف العقود ؛ ففي عقد البيع مثلاً ، لا يجوز بيع ما لم يوجد لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تبع ما ليس عندك) جامع الترمذي
و استثنى الفقهاء من هذا الشرط عقود السَّلم والاستصناع والإجارة والمساقاة ، فتجوز مع أن المحل غیر موجود وقت العقد ؛ وذلك لحاجة الناس إليها ، وتعارفهم عليها، وإقرار الشرع هذه العقود.
۳- معلومًا: بأن يكون معينا ومعروفا للعاقدين ؛ بحيث لا تكون فيه جهالة تؤدي إلى النزاع ، وذلك بيان الجنس والنوع والمقدار ، كأن يقول بعتك مائة كغم من القمح البلدي بسعر كذا.
4- مقدور التسليم: فلا يصح بيع الحيوان الشارد ونحوه ، أو كالطير في الهواء ، والسمك في البحر ؛ لعدم القدرة على التسليم

الشروط المقترنة بالعقد

هي ما يتفق عليه العاقدان من شروط زائدة على أصل العقد ، وتقسم إلى نوعين: شروط صحيحة ، وشروط غير صحيحة.
ومن أمثلة الشروط الصحيحة: اشتراط الرهن أو الكفالة بالثمن المؤجل ؛ فهذا النوع وأمثاله من الشروط يمكن اشتراطها في العقد ، ويجب الوفاء بها.
 ومن الصور المعاصرة شراء الآلات والأجهزة الكهربائية و اشتراط صيانتها مدة محددة.
وأما الشروط غير الصحيحة فمثالها: أن يبيع السلعة ويشترط على المشتري عدم بيعها ؛ فهذا شرط مخالف لما يقتضيه العقد ؛ لأن مقتضی عقد البيع حق المشتري في التصرف في المبيع بيعًا أو استهلاكا لأنه أصبح مالكا للمبيع ، والملكية تقتضي حق التصرف.
أو بيع بقرة على أنها حامل ؛ لما فيه من غرر ، أو اشتراط أمر نهی عنه الشرع أو نحوه ، كأن يبيع العقار ويشترط على المشتري أن يتخذه دارا للهو أو القمار.
فهذه الشروط تؤدي إلى بطلان العقد.

أسباب انتهاء العقد

لانتهاء العقد أسباب عدّة ، منها:
1- الفسخ: و هو حَل ارتباط العقد وإلغاء حكمه و آثاره بإرادة أحد العاقدين ، ويكون في العقود غير اللازمة بطبيعتها ، كعقد الوكالة و الوديعة ونحوها ، فهذه العقود يمكن إنهاؤها بالفسخ بإرادة كل من العاقدين مع مراعاة عدم الضرر ، وكذلك العقود اللازمة كعقد البيع والإجارة وغيرهما ، إذا كان فيها خيار لكل من الطرفين أو أحدهما , فتُفسخ بإرادة من له الخيار.
٣- الإقالة: وهي فسخ العقد بتراضي الطرفين ، إذا ندم أحدهما وأراد الرجوع عن العقد.
و محل الإقالة العقود اللازمة من الطرفين مما يقبل الفسخ بالخيار ؛ لأن هذه العقود لا يمكن نسخها إلا بإرادة الطرفين واتفاقهما. وعلى ذلك، فإن الإقالة تصح في العقود اللازمة ، كعقد البيع ، والإجارة و السلم وغيرها.
وتوجد عقود لا تقبل الفسخ بالخيار ولا تصح فيها الإقالة كالوقف والزواج.
۳- انتهاء المدة المحددة أو العمل المحدد: تنتهي بعض العقود بانتهاء مدتها المتفق عليها بين الطرفين ، أو بانتهاء العمل الذي عقد العقد الأجله ؛ فعقد الإجارة المحدد بمدة ينتهي بانتهاء المدة كالدار لسُّكنى أو الأرض للزراعة ، إلا إذا وجد عُذر يقتضي زيادة المدة ، كأن يكون في الأرض زرع لم يحصد.
كما تنقضي الإجارة لعمل محدد بانتهاء العمل المعقود عليه في إجارة الأشخاص ، کالمزارع والخياط إذا أنهيا العمل.
4- هلاك المعقود عليه في عقود المدة التي تقع على المنفعة: وذلك لتعذر استمرار العقد ، فإذا تلفت السيارة المستأجرة، أو انهدمت الدار المستأجرة للسُّکنی ، انفسخت الإجارة.
5- وفاة أحد العاقدين أو كليهما: والوفاة لا تؤثر في العقود الفورية كعقد البيع ، أما العقود غير الفورية أو الممتدة كالوكالة والإعارة ونحوها ، فتنفسخ وتنتهي بوفاة أحد العاقدين أو كليهما ؛ لأنها عقود تنفسخ بإرادة أحد الطرفين في حياتهما و تستمر بإرادتهما ، فإذا توفي العاقد فقد بطلت إرادته وانتهت رغبته ، فبطلت آثار هذه العقود التي كانت تستمر باستمرار إرادة العاقدين.

الخيارات في العقود

أمر الإسلام بالوفاء بالعقود، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ..) [سورة المائدة: 1].
و الأمر الوارد في الآية للوجوب ، ومع ذلك قد يرغب المتعاقدان أو أحدهما أن يجعل لنفسه مدة يتروى فيها ليختار الأصلح له.
 فقد يشتري الإنسان سلعة ، ويخفى عليه ما فيها من عيب عند التعاقد ، ثم يطلع عليه في ما بعد ؛ فمن العدل أن يُعطى هذا المشتري الخيار في فسخ العقد أو إبقائه ؛ لذا ، شرع الإسلام الخيارات في بعض العقود لتحقيق مصالح العباد.
 وبيان ذلك على النحو الآتي:

مفهوم الخِيار

الخِيار في اللغة: الاصطفاء والانتقاء.
وفي الاصطلاح: هو حق العاقد في فسخ العقد أو إمضائه ، لظهور مسوّغ شرعي أو بمقتضی اتفاق عقدي.
ويثبت الخيار بأحد أمرين:
1- حكم الشرع: حيث يثبت الخيار حكما للعاقد من دون شرط منه ، مثل خيار العيب ؛ لأن الإنسان يتعاقد على السلعة السليمة الخالية من العيوب من دون أن يذكر ذلك.
۲- اتفاق العاقدين: ولا يثبت هذا النوع في العقد إلا بشرط من العاقد وموافقة الآخر ، مثل خیار الشرط.

حكمة مشروعية الخيارات

شرعت الخيارات للضرورة والحاجة إليها ، إما ضمانا لرضى العاقدين ، وإما حفظا لمصلحتهما ، أو دفعا للضرر الذي قد يلحق أحدهما.

أنواع الخيارات

قد تنوعت الخيارات عند الفقهاء ، وسوف نقتصر على توضيح خيار العيب وخيار الشرط ؛ نظرا لأهميتهما واتفاق الفقهاء عليهما.

خيار العيب

مفهومه
أن يكون لأحد العاقدين الحق في فسخ العقد أو إمضائه ؛ إذا ظهر له عيب في أحد البدلين.
وسبب هذا الخيار ، ظهور عيب في المعقود عليه أو في بدله ينقص قيمته أو يخل بالغرض المقصود منه في عُرف التجار وأصحاب الخبرة.
 كأن يشتري شخص سيارة على أنها خالية تماما من العيوب ، ثم يتبين له أنها تعرضت قبل ذلك لحادث أدى لوجود عيب دائم فيها.

مشروعيته
ثبتت مشروعية خيار العيب بالسنة النبوية ، قال رسول الله صلی الله عليه وسلم: (من ابتاع شاة مصراة ، فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام، إن شاء أمسكها ، وإن شاء ردها ، ورد معها صاعا من تمر)أخرجه مسلم (الشاة المصراة: هي التي تترك فترة لا تحب فيها حتى يتجمع اللبن في ضرعها)
ونستنتج من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم إن باع من أخيه بيعا فيه عيب أن لا يبينه له) لزوم اطلاع المشتري على العيوب الموجودة في السلعة.

شروطه
يشترط لثبوت خیار العيب ما يأتي:
1- أن يكون العيب قديما أي قبل العقد أو بعده (قبل التسليم) ؛ فلو حدث بعد التسليم لا يثبت الخيار.
۲- ألا يكون المشتري على علم بالعيب ، أو رآه قبل العقد ولم يعترض عليه.
3- ألا يكون البائع قد اشترط على المشتري أنه غير مسؤول عن أي عيب ، وترك للمشتري تفقد المبيع بنفسه ، كما لو قال البائع للمشتري: بعثك السيارة وأنا بريء من أي عيب فيها.
4- أن يكون العيب مما يؤثر في قيمة المبيع ، أو يُخل بالغرض المقصود منه.

مسقطاته
يسقط خيار العيب في حالات عدة ، منها:
١- الرضا بالعيب بعد الاطلاع عليه , كأن يسكت بعد الاطلاع على العيب ، أو يتصرف بالمبيع تصرفا يدل على الرضا.
۲- إسقاط المشتري للخيار بتنازله عنه.
3- زوال العيب قبل الرد.
4- هلاك المعقود عليه أو حدوث نقص فيه قبل رده.
ولا يسقط خيار العيب بموت من له الخيار ، حيث ينتقل إلى ورثته ويكون لهم الخيار.

خيار الشرط

مفهومه
حق يثبت الأحد العاقدين أو لكليهما أو لغيرهما في فسخ العقد أو إمضائه خلال مدة معينة ؛ إذا اشترط ذلك في العقد.
كأن يشتري أحد ثلاجة على أن له الخيار في إمضاء العقد خلال يومين أو العدول عن الشراء.

مشروعيته
ثبتت مشروعية خيار الشرط بالسنة النبوية، فقد ورد أن: (منقذ بن عمرو قد أصابه آمة في رأسه، فكسرت لسانه (الآمة: إصابة الرأس بشجة في الدماغ، کسرت لسانه: أثرت على جودة تطقه)، وكان لا يدع  على ذلك التجارة ، فكان لا يزان يُغبَن ، فأتی النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، فقال له: (إذا أنت بايعت فقل: لا خلابة ، ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال ، فإن رضيت فأمسك ، وإن سخطت فارددها على صاحبها) سنن ابن ماجة ، و معنی لا خلابة: أي لا خداع ؛ فقد جعل هذا الحديث للصحابي حق اشتراط الخيار.

أحكام تتعلق بخيار الشرط
1- يثبت خيار الشرط لكلٍ من العاقدين , ولا بأس أن يكون لطرف آخر ؛ كأن يشترط أحدهما موافقة والده على العقد.
2- يُرجع فِي تحدِيد المدة إلى اتفاق العاقدين , على أن تتناسب مع طبيعة المباع.
3- يجوز لصاحب الشرط  فسخ العقد خلال المدة التي اشترطها.

مسقطاته
يسقط خيار الشرط  في حالات عدة ، منها:
1- تصريح صاحب الخيار بإمضاءه للعقد , وإعلان موافقته عليه.
2- انقضاء المدّة المحددة من دون إعلان فسخ العقد.
3- تصرف صاحب الخيار بالمعقود عليه بما يدل على إجازة العقد ؛ كالاستعمال , أو البيع.
4- موت من له حق الخيار , لأنه حق شخصي لا يورث.

المصادر

1- كتاب فقه المعاملات (المقرر الدراسي للصف الثاني عشر الدراسي للعلوم الشرعية بالمملكة الاردنية الهاشمية).

إرسال تعليق

0 تعليقات