مبادئ علم الجرح والتعديل

مبادئ علم الجرح والتعديل

مبادئ علم الجرح والتعديل

يعد علم الجرح والتعديل أحد العلوم المتخصصة في علوم الحديث وذلك لأهميته في الحكم على الاحاديث من حيث القبول والرد فما هو الجرح والتعديل وما مشروعيته و كيف نشأ وماهي قواعده والكثير من المعلومات عن علم الجرح والتعديل...

المحتويات

  • مفهوم علم الجرح والتعديل
  • مشروعية الجرح والتعديل
  • نشأة علم الجرح والتعديل
  • شروط الجارح والمعدل
  • مراتب الجرح والتعديل
  • مؤلفات الجرح والتعديل
  • قواعد الجرح والتعديل
  • المصادر


مفهوم علم الجرح والتعديل

الجرح لغة: التأثير في البدن بشق أو قطع.
الجرح اصطلاحا: وصف الراوي بما يقتضي رد روايته.
التعديل لغة: التقويم والتسوية.
التعديل الاصطلاحا: وصف الراوي بما يقتضي قبول روايته.
أما علم الجرح والتعدیل: فهو العلم الذي يبحث في أحوال الرواة من حيث القبول والرد.

مشروعية الجرح والتعديل

هناك عدة من الأدلة الشرعية استدل العلماء بها على مشروعية الجرح والتعديل , منها ما يلي:
1- قال تعالی: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات: 6]  تدعو الاية الكريمة هنا الأمة الاسلامية إلى التثبت من صحة الأخبار ، والتدقيق فيها والتبين من خبر الفاسق ، وفي هذا دلالة واضحة , إلى عمل علماء الجرح والتعديل في التثبت من الرواة وأخبارهم , وبيان الفاسق منهم والعدل.
2- قوله صلى الله عليه وسلم : (مَن كَذَبَ عليَّ فليَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه مِن النَّارِ، مُتعمِّدًا، حدَّثَنا به هكذا مرَّتينِ، وحدَّثَنا به مرةً أخرى، فقال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن كَذَبَ عليَّ مُتعمِّدًا فليَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه مِن النَّارِ). أخرجه البخاري.
في هذا الحديث يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب عليه بنسبة الأحاديث المكذوبة إليه , وبما يفعل له.
 ولا شك في أن الجرح والتعديل يصون الشريعة من الأحاديث المكذوبة ، وذلك بالكشف عن واضعيها.
3- إجماع العلماء على وجوب الجرح والتعديل ، وأنه ليس من أنواع الغيبة المحرمة ، مستدلين على ذلك بالقاعدة الأصولية: (ما لا يتم الواجب إلا به؛ فهو واجب ) ، فإن حفظ الدين لا يمكن أن يتم إلا بحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، وحفظ السنة لا يتم إلا عن طريق التثبّت من صحتها , وصحة أخبارها بدراسة أحوال رواتها والحكم عليهم , وجرحهم وتعديلهم ، وهذا من اختصاص أئمة الجرح والتعديل ؛ لهذا بنى علماء الأمة على هذه القاعدة الاصولية أن علم الجرح والتعديل فرض من فروض الكفاية التي تأثم الأمة كاملة إن قصرت بالقيام به.

نشأة علم الجرح والتعديل

لم يكن علم الجرح والتعديل علماً قائما بحد ذاته , في زمن الصحابة رضي الله عليهم ؛ لأنه لم تكن له دواعي موجودة في عصرهم ، فلم يسيق أن ردُّوا رواية أحد الصحابة لاتهامه بالكذب ونحوه ، ولكن ورد أن بعضهم تكلم في حفظ بعض الصحابة أو في خطئهم في نقل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 كما ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونِّي عن غيرِ كَاذِبَيْنِ، وَلَا مُكَذَّبَيْنِ، وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ).أخرجه مسلم.
وكانت تقصد رضي الله عنها في هذا القول أنها ظنت أن عمر وابنه عبد الله رضي الله عنهما توهما أو أخطآ في رواية أحد الأحاديث (لمعرفة المزيد من التفاصيل حول (شرح الحديث)).
وفي عصر التابعين بدأ بروز عدة دواعي أدت إلى البدء بظهور علم الجرح والتعديل ، ومن أبرزها: ظهور الضعفاء والكذابين وانتشارهم بكثرة ، وأخذ بعض الفرق مبدأ النشر لمنهجها وأفكارها ؛ بوضع وزرع أحاديث مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي تؤيد وتدعم مذاهبهم وأفكارهم ، وعلى إثر هذا فقد تنبه العلماء لخطر ذلك ، وبدؤوا بالتمييز بين رواة الأحاديث , إذ أنهم لم يقبلوا إلا من الذين توافرت فيهم شروط قبول الأحاديث.
ويذكر أن البعض من العلماء قد تخصصوا في دراسة رواة الاحاديث والحكم عليهم بالجرح والتعديل ، فكان شعبة بن الحجاج أول من تصدر بالحكم على الرجال و النظر في أحوالهم ومروياتهم ، وبدأ بإتباعه يحيى بن سعيد , ومالك بن أنس , وغيرهما من أئمة الجرح والتعديل.
وبعد نهاية عصر التابعين طالت الأسانيد وكثرة الرواة ، فخشي العلماء من ضياع أقوال أئمة علم الجرح والتعديل ، فأصبحوا يعتمدون على حفظها وتدوينها في داخل الكتب بدلًا من ان يعتمدوا على حفظ الرجال والعلاماء.
وللفائدة يعد عالم الحدیث ابن منجويه من أول من تحقق في العراق عن المحدثين وقد وصفه شعبة ابن الحجاج فقال: (هو أول من فتش بالعراق عن أمر المحدثين، وجانب الضعفاء والمتروكين ، وصار عَلَمًا يقتدى به , وتبعه عليه بعده أهل العراق).

شروط الجارح والمعدل

 لا يتم قبول قول أي ناقد في علم الجرح والتعدیل ، إذ يلزم توفر شروط معينة في الجارح والمعدل  لكي يقبل جرحه وتعديله ، ومن أهمها ما یلي:
1- أن يكون عدلا ؛ لأن الجرح والتعديل يعد شهادة يُبني عليها قبول الأحاديث أو ردها ، ولا يعقل أن تقبل شهادة من هو غير عدل في الجرح أو التعديل.
2- أن يكون ممن يتصف بالأمانة العلمية وضوابطها من الصدق والورع ونحوه ؛ لأن للحكم على الرواة يجب توافر الدقة والتجرد من الهوى والخداع.
3- أن يكون مدركًا لأسباب الجرح والتعديل و قواعده ؛ لكي لا يجرح راويا بما لا يجرح الرواة بسببه ، أو يعدل من الرواة من لا يستحق التعديل ؛ لجهله.
4- أن يعلم معاني ودلالة مصطلحات الجرح والتعديل في اللغة العربية ؛ لكي لا يستخدم المصطلحات في غير ماهي له ، كأن يجرح بمصطلحات غير مصطلحات الجرح ، ويعدل بمصطلحات غیر مصطلحات التعديل.

مراتب الجرح والتعديل

قسِّم الرواة إلى مراتب مختلفة ، إستنادًا على درجة قبولهم في الرواية ، وجعل علماء الجرح والتعديل لكل مرتبة من هذه المراتب ألفاظا اصطلاحية تدل على مكانتهم ومرتبتهم في الرواية ، وفي ما يلي ثلاثة أقسام لهذه المراتب ، ومصطلحات ودلالات كل قسم ، وهي كالتالي: 
القسم الأول: الذين يُقبل حديثهم ، وهم على مراتب. ومن أهم ألفاظ هذا القسم مرتبة من الأعلى إلى الأدنى:
  1. أوثق الناس.
  2.  ثقة ثقة.
  3.  ثقة.
  4.  صدوق.

القسم الثاني: من يكتب حديثهم وينظر فيه ، فإن وجد حديثا آخر يقويه قُبل ، وإن لم يوجد رد ، فلا يقبل حديث الراوي من هذا القسم وحده دون حديث آخر يقويه.
ولأصحاب هذا القسم مراتب ، وهذه أهم ألفاظه:
  1.  يكتب حديثه.
  2. صُويلح.
  3. ليس بالقوي.
  4.  له ما ينكر.

القسم الثالث: من يرَد ولا يقبل حدیثهم وهم على مراتب مختلفة. ومن أهم ألفاظ هذا القسم بالترتيب من الضعيف إلى الأشد ضعفاً:
  1. ضعيف جدا.
  2.  متهم بالكذب.
  3.  كذاب.
  4. اكذب التاس.

مؤلفات الجرح والتعديل

تعد كتب الجرح والتعديل ثمرة ثمينة من جهود المحدثين في سبيل المحافظة على الأحاديث من السنة النبوية ، وقد تمركزت جهودهم في التأليف في علم الجرح والتعديل في جانبين:
1- كثرة مؤلفاتهم في الجرح والتعديل واستمراره ، وفي هذا دلالة على عنايتهم بخدمة السنة النبوية الشريفة.
2- الحرص على الدقة في تعريفهم ووصفهم لرواة الأحاديث ، ومكانتهم في الجرح والتعديل.
وأما بما يخص مؤلفات الجرح والتعديل فتنقسم إلى قسمين رئيسيين:
1- كتب الرجال: وهي المؤلفات التي اعتنى مؤلفوها أن يجمعوا فيها أسماء رواة الأحاديث وأقوال العلماء فيهم من جرح وتعديل ، مثل: كتاب التاريخ ليحیی بن معین ، وكتاب تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني.
2- كتب علم الجرح والتعديل: وهي المؤلفات التي اعتنى مؤلفوها من الناحية الاساسية بعلم الجرح والتعديل وقواعده وقوانينه ومصطلحاته ، مثل: كتاب الرفع والتكميل في الجرح والتعديل لعبد الحي اللكنوي.

قواعد الجرح والتعديل

وضع علماء الجرح والتعديل عدة قواعد وضوابط تأسيسية تهدف إلى تنظيم الجرح والتعديل , و توضيح الكلام المأخوذ به والكلام الغير مأخوذ به في رواة الأحاديث ، وفي ما يلي توضيح لأهم هذه القواعد:
1- لا يقبل الجرح لأي راوٍ إلا إذا فسر الجرح بذكر سببه ؛ وهذا لأن الأصل في الإنسان هو العدالة.
(من أحد أمثلة الجرح المفسر قول الخطيب البغدادي في إسماعيل بن أبان: (قدِم بغداد ، وحدَّث بها أحاديث تبين للناس كذبه فيها ، فتجنبوا السماع منه).
2- يقدم الجرح المفسر على التعديل غير المفسر إذا اجتمعا في نفس الراوي واحد ؛ وهذا لأن المعدِّل من العلماء يكون قد اعتمد على ظاهر حال الراوي ، أما الجارح فقد اطلع على سبب خفي لكي يجرح به الراوي.
(ومن أحد أمثلة ذلك تقديم العلماء لجرح الراوي جابر الجعفي على تعديل آخرين له ؛ لأن من عدله لم يكن يعلم أنه كان مجروحا جرحاً مفسرا وهو الكذب).
3- لا يجرح من هو عدل من الرواة بكلام المجروحين ؛ لأن المجروح فاقد للعدالة ، فلا يحتج به ولا بجرحه , وكما اسلفنا في شروط الجارح والمعدل يجب أن يكون الجارح أو المعدل عدلا ليؤخذ قوله.
وأحد الأمثلة ذلك قول ابن حجر العسقلاني في أبي الفتح الأزدي: (لا عبرة بقول الأزدي؛ لأنه هو ضعيف ، فكيف يعتمد في تضعيف الثقات).
4- لا فرق باختلاف الجنس في الجرح والتعديل ؛ فالجرح والتعديل يقبل من الرجل أو من المرأة.
ومن الأمثلة على نساء تكلمن في الرواة: أم عمر الثقفية ، وفاطمة بنت مالك.

المصادر

  1. كتاب الحديث النبوي الشريف والسيرة النبوية (المقرر الدراسي للصف الثاني عشر الدراسي للعلوم الشرعية بالمملكة الاردنية الهاشمية).
  2. موقع الدرر السنية ( للأحاديث).

هذا والله أعلم.

إرسال تعليق

0 تعليقات