قصة ادم وحواء وإبليس في سورة الأعراف
{وَلَقَد مَكَّنّاكُم فِي الأَرضِ وَجَعَلنا لَكُم فيها مَعايِشَ قَليلًا ما تَشكُرونَ [10] وَلَقَد خَلَقناكُم ثُمَّ صَوَّرناكُم ثُمَّ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ لَم يَكُن مِنَ السّاجِدينَ [١١] قالَ ما مَنَعَكَ أَلّا تَسجُدَ إِذ أَمَرتُكَ قالَ أَنا خَيرٌ مِنهُ خَلَقتَني مِن نارٍ وَخَلَقتَهُ مِن طينٍ [١٢] قالَ فَاهبِط مِنها فَما يَكونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فيها فَاخرُج إِنَّكَ مِنَ الصّاغِرينَ [١٣] قالَ أَنظِرني إِلى يَومِ يُبعَثونَ [١٤] قالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرينَ [١٥] قالَ فَبِما أَغوَيتَني لَأَقعُدَنَّ لَهُم صِراطَكَ المُستَقيمَ [١٦] ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِن بَينِ أَيديهِم وَمِن خَلفِهِم وَعَن أَيمانِهِم وَعَن شَمائِلِهِم وَلا تَجِدُ أَكثَرَهُم شاكِرينَ [١٧] قالَ اخرُج مِنها مَذءومًا مَدحورًا لَمَن تَبِعَكَ مِنهُم لَأَملَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُم أَجمَعينَ [١٨] وَيا آدَمُ اسكُن أَنتَ وَزَوجُكَ الجَنَّةَ فَكُلا مِن حَيثُ شِئتُما وَلا تَقرَبا هـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكونا مِنَ الظّالِمينَ [١٩] فَوَسوَسَ لَهُمَا الشَّيطانُ لِيُبدِيَ لَهُما ما وورِيَ عَنهُما مِن سَوآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَن هـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلّا أَن تَكونا مَلَكَينِ أَو تَكونا مِنَ الخالِدينَ [٢٠] وَقاسَمَهُما إِنّي لَكُما لَمِنَ النّاصِحينَ [٢١] فَدَلّاهُما بِغُرورٍ فَلَمّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَت لَهُما سَوآتُهُما وَطَفِقا يَخصِفانِ عَلَيهِما مِن وَرَقِ الجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَم أَنهَكُما عَن تِلكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَكُما إِنَّ الشَّيطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبينٌ [٢٢] قالا رَبَّنا ظَلَمنا أَنفُسَنا وَإِن لَم تَغفِر لَنا وَتَرحَمنا لَنَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ [٢٣] قالَ اهبِطوا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ وَلَكُم فِي الأَرضِ مُستَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حينٍ [٢٤] قالَ فيها تَحيَونَ وَفيها تَموتونَ وَمِنها تُخرَجونَ} [الأعراف: 10- 25].
المحتويات
- التعريف بسورة
الأعراف
- معاني المفردات
والتراكيب
- التذكير بنعم
الله تعالى علينا
- تكريم سيدنا
آدم عليه السلام
- المجادلة مع
إبليس
- أساليب
الشيطان في إغواء آدم وحواء
- توبة آدم
وحواء
- موقفنا من هذه
القصة
- المصادر
التعريف بسورة الأعراف
تعد سورة الأعراف من السور المكية ماعدا الآية 163 فقد
أخبر قتادة أنها مدنية، وهي من سور السبع الطوال، يبلغ عدد آياتها 206، وترتيبها في
المصحف الشريف السورة السابعة، تبدأ في منتصف الجزء الثامن وتنتهي في أواخر الجزء التاسع،
بدأت بالحروف المقطعة {المص}، فيها أول سجدة تلاوة
في المصحف الشريف في الآية: {إِنَّ الَّذينَ عِندَ رَبِّكَ
لا يَستَكبِرونَ عَن عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحونَهُ وَلَهُ يَسجُدونَ}
[الأعراف: ٢٠٦]، وأول سورة عرضت بالتفصيل قصص الأنبياء.
وسميت بهذا
الاسم ذكر اسم الأعراف فيها وهو سور بين الجنة والنار يحول بين أهلهما وقد ورد عن
أبو زرعة بن عمرو بن جرير أنه قال: (سُئلَ رسولُ اللهِ
صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ عن أَصحابِ الأعرافِ قال: هُم آخرُ مَن يُفْصَلُ بينَهم
مِن العبادِ، فإذا فرَغ ربُّ العالَمينَ من فَصلِه بين العِبادِ قالَ: أنتُم قومٌ أخرجَتْكُم
حَسناتُكم مِن النَّارِ، ولم تَدخلوا الجنَّةَ، فأنتُم عُتَقَائِي، فارعَوا مِن الجنَّةِ
حَيثُ شِئْتُمْ) حدثه ابن كثير وحكمه مرسل: حسن.
معاني المفردات والتراكيب
مَعايِشَ: أساب العيش.
الصّاغِرينَ: الذليلين الحقيرين.
أَنظِرني: أمهلني.
أَغوَيتَني: أمهلتني.
مَذءومًا: مذمومًا.
مَدحورًا: مطرودًا.
ما وورِيَ عَنهُما: ما أخفي وحجب عنهما.
سَوآتِهِما: عوراتهما.
وَقاسَمَهُما: أقسم بالله لهما.
فَدَلّاهُما بِغُرورٍ: أوقعهما في المعصية.
وَطَفِقا يَخصِفانِ: أخذا يلصقان.
التذكير بنعم الله تعالى علينا
ذكر الله عز
وجل في هذه الآيات الشريفة نعمة من نعمه على البشر ألا وهي نعمة التمكين في الأرض،
إذ جعلها سهلة قابلة للحياة، مع ما سخر فيها من أسباب الانتفاع منها ومن خيراتها.
ثم ذكّر تعالى
بخلقه لآدم وتصويره في أحسن صورة وتفضيله على الكثير من سائر المخلوقات، تبارك
وتعالى ذو الجلال والإكرام، فقد قال: {اللَّـهُ الَّذِي
جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ
وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّـهُ
رَبُّ الْعَالَمِينَ} [غافر: 64].
تكريم سيدنا آدم عليه السلام
لقد أمر الله تعالى الملائكة بالسجود
لآدم عليه السلام سجود تكريم له، فسجدوا له جميعًا طاعة لأمر الله، إلا إبليس فقد
أبى وستكبر عنادًا وحقدًا فامتنع من السجود لآدم حاسدًا له، وخالف بذلك أمر الله
تعالى.
المجادلة مع إبليس
بعد أن خالف إبليس أمر الله تعالى، قال
له عز وجل سائلًا له عن السبب الذي منعك من السجود له بعد أن أمرتك، فأجاب إبليس
أنه يرى نفسه خيرًا من آدم؛ وقال متفاخرًا انه مخلوق من نار أما آدم فخلق من طين،
فعاقبه الله من جنس عمله فقال له اهبط منها (الجنة)، فأخرجه من الجنة وهو لمن الذليلين
الحقيرين؛ فما كان له أن يتكبر فالجنة، واستحق بتكبره وفعلته لعنة الله.
فقال إبليس لله طالبًا منه أن يمهله ويؤخره
إلا يوم البعث، يوم يبعث الناس من القبور، فأخره الله إلا يوم القيامة، ثم توعد
إبليس بقعوده لبني آدم في طرق الخير المؤدية لصراط الله المستقيم صادًا لهم عن الخير وعن الإيمان بالله تعالى،
وأنه سوف يأتي لهم من بين أيديهم ومن خلفهم وهن أيمانهم وعن شمائلهم مزينًا لهم
الشرور مرغبًا لهم فيها وواقفًا بالمرصاد لكل من يريد الخير منفرًا له عما يريد من
خير.
فتوعد الله تبارك وتعالى إبليس بعد أن
أخرجه من الجنة مذمومًا مطرودًا ومن يتبعه ويستجيب له ولوسوسته بعذاب جهنم يوم
القيامة.
وفي ذكر هذه القصة وهذه العداوة بين
إبليس وبني آدم تذكير وتحذير لبني آدم من طاعة إبليس والرضوخ لوسوساته.
أساليب الشيطان في إغواء آدم وزوجه حواء
بعد أن أخرج الله تعالى إبليس من الجنة
عقابًا له على عدم طاعته لله وتحديه له، أسكن جل وعلا آدم وزوجه حواء الجنة، وأذن
لهما الأكل من ثمارها وأشجارها والانتفاع من خيراتها إلا شجرة واحدة منعهما ونهاهما
عن الأكل منها، وعدم الاقتراب منها، وفي نهي الله عن الاقتراب من الشجرة تحذير أشد
من النهي عن الأكل منها، وفي هذا النهي تربية لآدم وحواء على مقاومة الشهوة والالتزام
بأوامر الله تعالى.
ولكن الشيطان همَّ بالوسوسة لهما
ليأكلا من الشجرة، فلم يستجيبا له ولوسوسته بل ورداها وقاومهما، ولكن الشيطان لم
يستسلم فهو حريص أشد الحرص على إغوائهما وإيقاعهما بالمعصية، فتخذ عدة أساليب
لإغوائهما منها ما يلي:
1- أغراهما عن طريق الطمع، فقد أخبرهما
أن الله منعهما عن هذه الشجرة لما فيها من خير فستصبحين ملَكَين أو سوف تصبحين من
الخالدين.
2- أقسم لهما أنه من الناصحين لهما،
وأنه صادق يريد الخير لهما فيما يدعوهما له.
فنتج عن أساليبه وإلحاحه ووسوسته أن
وقعا في المعصية وأكلا من الشجرة، فلما أكلا منها ظهرت عوراتهما فأخذا يجمعان ورق
الشجر ويلصقاه على أجسادهم لإخفاء عوراتهما استحياء من أن يراهما أحد، دلالة على
أن سترة العورة هي فطرة وأن ما عكسها فهو فساد للفطرة وشذوذ عن الطريق السليم
ومعصية لله تعالى.
ثم عاتب الله تعالى آدم وحواء لعدم
طاعتهما له ولأوامره ولتحذيره لهما من الشيطان وإخبارهما أنه عدوً لهما.
توبة آدم وزجه حواء
بعد أن عاتبهما جل وعلا على خطئهما، اعترفا
بها ودعاه أن يغفر لهما ويرحمهما وإن لم يفعل فليكونا من الخاسرين؛ ثم حكم الله
عليهما بالهبوط إلى الأرض هما والشيطان أعداء لبعضهم البعض، فيها حياتهم ومماتهم
وسيخرجون منها في نهاية المطاف.
وقد تاب عز وجل برحمته وكرمه عنهما فقد قال: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ
كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 37].
موقفنا من هذه القصة
قصة ادم وحواء وإبليس،
وردت في القرآن الكريم من باب أخذ العبرة، فبتكريم آدم ورفض وتكبر الشيطان على السجود له، وخضوع الملائكة
لأمر الله تعالى، وبالأكل من الشجرة وبالعداوة بين آدم وحواء والشيطان، بيان
لطبائع الشياطين والإنس والملائكة، فالملائكة مطيعين لله ممتثلين لأوامره،
والشياطين متمردين على الله وعلىى أوامره، وأما الإنس فميزوا بالقدرة على الطاعة
والعصيان، بين الميل للذنوب والشهوات والمسارعة في التوبة، وستبقى العداوة بين
الإنس والشياطين إلى يوم القيامة، فيتبين منها من يختار طريق الصلاح ومن يحيد عنه.
المصادر
2) موضوع (سورة الأعراف) من موقع ويكيبيديا.
3) موضوع (مقاصد سورة الأعراف) من موقع إسلام ويب.
4) موضوع (مواضع سجود التلاوة في القرآن الكريم) من موقع إسلام ويب.
5) موقع الدرر السنية (للأحاديث).
هذا والله أعلم.
1 تعليقات
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذف